Tuesday, May 22, 2007

انقذو المريس بقلم ناصر النوبى

Filed under: صحافة شعبية, أخبار, سياسة — sHaRkAwY @ 10:50 pm


ناصر النوبى شاعر صعيدى وخبير سياحى وعاشق أصيل لتراب البلد دى، اتصل بى وكله حزن وأخبرنى أن بلدتهم

ستهدم خلال الفترة المقبلة، لم أفهم، فقال لى خمسميت فدان واكتر هايتبوروا وتمنتلاف بنى آدم هايتشردوا
عشان شوية رجال اعمال ******هايعملوا فنادق على أراضيهم، لم أفهم، قال لى سمير فرج اتقدم باقتراح للريس
بعمل مرسى نيلى للمراكب عند بلدنا المريس اللى كانت تبع أرمنت بعد كوبرى الاقصر، فوافق
الريس ضموا البلد للاقصر وقالوا هايعملوا الامرسى ثم فوجئ اهالى القرية بقرار وزير التنمية
المحلية وقرار رئيس الوزرا بنزع اراضيهم للمنفعة العامة عشان بنا فنادق ….
لناس قالت فنادق ايه احنا رسينا على ان الموضوع مرسى نيلى وخلاص…
قاللهم لأ سمير فرج اتفق مع مجموعة مستثمرين على انه يجيبلهم ارض القرية يعملوا عليها
الفنادق…
لناس قالت طب ميشفوفو حتة تانية غير هنا ما الظهير الصحراوى لازق فى البلد عل
ى بعد عشر دقايق بالعربية ميعملوا فيه منتجعات سياحية هى داقت على الشري ط الضيق اللى بيأكلنا ده.
طب هى مصر ناقصة:
اقروا معايا رسالة الشاعر الصديق ناصر هاتوضح اكتر….



أليس هناك فى هذا العالم من يفهم ويفهمنى، تطن فى أذنى كلمات موال الحزن القديم منين أجيب ناس لمعناة الكلام يتلوة، ولية ياحبايب تبيعونى رخيص، وانا الغالى لوطلعونى الجبل لاطلع على راسى، ولو قرشونى الحصى لاقرش على اضراسى. يهتف داخلى هاتف حزين فأردد دامعاً مع الناى الصعيدى: ما خاين يا زمانى وديت حبيبى على فين، ما يمكن يعود تانى مشى وساب قليبى حيران، ما يمكن يعود تانى!
تفت: آه م الوطن ع الوطن، تذكرت عودتى لبلدتى المريس بعد غيبة، حين دخلت علي امى فاطمة حسين الرسد ووجدتنى حزينا مكتئبا فبادرتنى بصوتها المتهدج القديم قدم أرضنا: قوم يا عبده انزل الشارع شوف اصحابك، روح افتكر الناس، افتكر الشارع اللى كان بيوديك المدرسة، روح سلم على الناس، وارفع راسك لفوق يا ولدى، الا الوطن يا ناصر الا الوطن! ورغم أن هذة الواقعة قد مرت عليها سنوات كثيرة إلا أننى أذكرها ولم تجف رطوبة كلماتها فى صحارى الذامرة. وكلما هاجمنى الاكتئاب والحزن لما يحدث فى بلدى مصر اتذكر كلمات أمى تلك، فيشتد ايمانى بقدرتنا على النهوض ثانية، واتصالح مع احزانى. امى تلك الصعيدية العبقرية تذكرنى دائما بأحمس نفرتارى التى ارسلت ابنائها واحفادها للدفاع عن مصر وطرد الهكسوس المستعمرون! المرأة فى الصعيد هى الكون الذى يحرك الكواكب حواليه وهى مركز الجاذبية الارضية. لهذا مهما دارت بى الرحى وأخذتنى دوامات العمل والانشغال والسفر أجدنى اسقط فى النهاية فى حضن امى، اجده وادعا رفيقاً حانيا عندما تجور على الايام ليمنحنى سكينة وطمأنينة.
ا استطيع تخيل ان تترك امى فاطمة بت حسين القاضى منزلها القديم الذى عاشت فية منذ اكثر من خمسين عاما لتذهب حيث لاشئ، تقترب من الثمانين عاما ومنذ أكثر من ستين عاما تزوجت ابى الشيخ النوبى وهى بنت السابعة عشر، وعاشت فى هذا البيت، الذى مثل لنا الحلم والوطن، لا اتصور ان ياتى اليوم الذى أراها وقد تركت بيتها شريدة، ولا اتخيل ولو للحظة ان ابى المريض سيترك بيته، وما يزيد لوعتى واساى ان يحدث هذا لابى وهو غائب عن الوعى بعد ان اصيب بالجلطة. إنهم قساة وعميان. يقتلون الفقراء لكى يسمن غنى، يهتكون شفاف الوطن لكى يأنس رجل أعمال لم يشبعه المال بعد.
ى فبراير الماضى صدر القرار القاتل رقم 264 لسنة 2007 بانتزاع آراضينا وبيوتنا للمنفعة العامة أى منفعة عامة لا ندرى، لوكانت منفعة تسعد ملايين المصريين كالسد العالى لضحينا ووافقنا وهجرنا أرضنا كى ينعم أهلونا بالحياة، لكنهم أتوا سالبين لأرضنا بحجة تنفيذ مشروع سياحى ومراسى مراكب سيايحة وهى حجة تتيح لهم بقرار ممهور بتوقيع وزير التنمية المحلية ووافق علية رئيس الوزراء نظيف فى 7 فبراير 2007سيتم الاستيلاء على 550 فداناً من اجود الاراضى الزراعية وأكثرها خصوبة على الاطلاق فى صعيد مصر، وتحديداً بقرية المريس مركز ارمنت محافظة قنا التى ضمت حديثا لولاية المجلس الاعلى لمدينة الاقصر خصيصا لتنفيذ هذا المشروع القاتل. الذى سيأكل تلك الأراضى وسيتم بموجب حم اعدامه الاعمى ازالة اكثر من 2000 بيت فى المرحلة الاولى ليضر بوجود ما لا يقل عن 8000 نسمة مجبراً إياهم على المغادرة دون سبب قومى وجيه لتهجير أصحاب الأرض قسراً أو حتى تعويض عادل يسلوهم عما فقدوا. صدر القرار غير المبرر الذى يريد أن يبنى من خلال مشاريع غير مبررة وغير مفهومة وعلى حساب الغلابة أصحاب الأرض.
الموضوع اكثر تراجديا مما قد يتخيله البعض، إنه ليس مجرد تمسكا عاطفيا بمسقط الرأس وأرض الجدود، وهو حق أوجب بالاستمساك به مهما كانت المصاعب، لكن الحكاية أكبر من هذا، إنه بيزنس معجون بعفن الفساد وقسوة الاستبداد يطل برأسه الشيطانية فى المريس وفى بقاع كثيرة فى بلدنا. إن الحكاية فى مريس هى جزء من هوجة عودة الاستغلال الارستقراطى للسيطرة على اراضى المصريين البسطاء. هاهو الزمن يعود للوراء وستنهب آراضي عائلتنا التى ورثناها عن جدودنا ورعيناها. ديدان الأرض جاءوا بأموالهم الملوثة الرخيصة وبطش الحكومة التابعة لهم ليبنوا شيئا هزليا يسمونه توسع سياحى على حساب أوطاننا ومعايشنا وروحنا. فى العالم كله تجد الفنادق غير ملتصقة بمناطق الآثار، ولا تجرح المشهد الاثرى، ولا بيئته، لكنهم هاهنا يعتدون على كل غالى، يريدون اليوم بناء الفنادق فى حرم النيل، وفى حرم الآثار والقلاع التاريخية وغداً سيأتون لبناء فندق فى حرم الكرنك، وإن غداً لناظره قريب، أغبياء وفاسدون، يريدون شريطنا الاخضر الضيق باى ثمن، رغم أن الظهير الصحراوى المتسع لبلدتنا على بعد عشرة دقائق بالسيارة وربما أقل، بضع كيلومترات، وتجد سهولا تصلح لمنتجعات وفنادق سياحية، تصلح لمشروعات نهضة تعمر الصحراء ولا تأكل أراضينا الزراعية الضئيلة التى لم يتبق منها إلا أقل القليل.
يريدون تشويه قريتى الجميلة بما يظنونه تطوراً، قرية المريس التى حصلت العام الماضى على جائزة اجمل القرى بمحافظة قنا إذ أنها قرية غير عشوائية تتسم بشوارعها المنتظمة الكبيرة وبيوتها الجميلة وبنسبة تعليم عالية جدابين أبناءها، المريس اسم مصرى قديم يعنى مرسى حيث تتمتع بموقع جغرافى رائع جنوب غرب الاقصر كانت تتبع مدينة ارمنت حتى العام المنصرم، قريتى التى يضرب بهواءها المثل السارى: روح يا هوا يا مريسى نشفلى قميصى. وأورد احمد تيمور باشا فى كتابه الامثال الشعبية مثلاً شعبياً فى وصف المريس يقول: اذا جالك طياب المريسى لازم توطى. ويعنى ان اتجاه الريح جنوبى بقرية المريس وهى ريح معاكسة تلزم اصحاب الصنادل والمراكب القديمة بالبيات الاجبارى، ولقد رأيت الملاحين بأم عينى منذ اكثر من ثلاثين عاما وهم يقومون بشد صنادلهم بطول الشط من عند كوبرى الاقصر الحالى وحتى أرمنت الحيط على امتداد اكثر من 7 كيلومترات حتى يتسنى لهم الإبحار بسرعة أكبر.
المراكب مش بيوت
والعيال لسة بتندة على المراكب
هالووة .. هالوووووه
العيال تكبر تسافر
العيال تكبر تهاجر
والمراكب مش بيوت
والبيوت زى قلوع فى بحر
تبعد يادوب تبان
والمراكب مش وطن
والعيال لسة بتندة ع العيال
العيال لسة بتندة ع المراكب
هالووووة هالوووة
والقلوب اه م القلوب
الجبل مستنى حد يرجع
والنخيل حران ف طوبة
اصل الهوا عرقان
والمراكب مش بيوت



العيال فى بلدنا المريس كل ما يشوفوا مركب فى النيل ينادوا بمنتهى الحب على المراكبى ويرحبوا بالسياح اللى عليها من غير ما يعرفوهم هالوووة هالووووة. مساكين غلابة . لم يدركوا أنه سيأتى اليوم الذى سيتحولون فيه هم وأهليهم لضحايا لهذه المراكب التى طالما أحبوها. كثيرا ما حلمت فى طفولتى أن ترسو مركب من هذا المراكب العابرة فى بلدنا كى أرى الخواجات واتحدث إليهم، كان أملى الصغير أن أتسلق المركب، ألمس كل قطعة فيه، أبحر به.
مرت الأيام تخرجت من الجامعة لأعمل مرشداً سياحياً، أتحدث الاسبانية، عملت عبر سنوات عديدة مع السياح الاسبان والاتين من أمريكا اللاتينيةولم أعد ذلك الطفل الحالم برسو مركب فى قريته، وقد اصبح العيل اللى كان بينادى على المراكب من ركاب المراكب، يرى السواح ويحادثهم ويقول لهم عن قريته وعظمتها ونيلها وأهلها، أعود لبلدتى فيطمئننى مشهد أطفال المريس ينادون المراكب، والسواح الأجانب يستمتعون بمشهد البيوت المبنية من الطوب الاخضر وبانوراما النيل العظيمة، حميمية المصريين وحبهم لهم، وهو مشهد طالما حدثنى الكثيرين من السياح الذين عملت معهم بأنه مشهد يرسخ فى ذاكرتهم ويرطب قلوبهم التى أخافتها التحذيرات والادعاءات بأن مصر غير آمنة، النيل والزرع والناس، هذا ما يحببهم فى المشهد.
حاولت التخلص من مشاعرى كمتضرر من هذا الطغيان على قريتى، وسألت نفسى كمرشد سياحى يعمل فى هذه السوق ويدرك نبض السائح من واقع تعامله المباشر واليومى معه، هل من المهم بناء الفنادق الثمانية عشر العملاقة هاهنا، ألم يتعلمو بعد مما فعلوه بساحل الاقصر، ألم يدركو بعد أن الامر يقتضى التريث والتخطيط العقلانى. أليس هناك من يقدم له خريطة واعية لاستخدامات الاراضى لتطوير تلك المدينة واطرافها خلال خمسين عاما قادمة دون أن نخاطر بتجريف مزيد من أراضينا ودون أن نضر بالنيل وشواطئه، ثم ناقضت نفسى وتسألت أى ضرر سيلحق بالسياحة اذا تم بناء ثمانية عشر فندقا فى بلدنا المريس ونفذ هذا الميناء العملاق الذى يلخص حجة المنفعة العامة التى قال بها القرار. راجعت من واقع خبرتى حقائق السياحة فى الجنوب، تقوم برامج السياحة فى الاقصر واسوان على المناطق الثقافية المرتبطة حضاريا بتاريخ الاماكن
وبالجغرافيا المميزة لوادى النيل، ويشعر السائح بحمبمبة القربى بالتاريخ عندما يشعر بالاتساق بين الماضى المتجسد فى المعابد والصروح وبين واقعها الجغرافى، وفى العالم المتحضر يدرك خبراء السياحة هذا البعد فيقومون بتخطيط استخدامات الاراضى المحيطة بالاثار بحيث لا يضر الاثر ولا المشهد المكون له، المسألة بسيطة، تخيل معى أن قام أحدهم باستغلال مشهد الاهرامات وطالب بعمل فنادق على الهضبة قريبة من الهرم كى يستريح السائق ويشاهدها عن قرب، ألم يحدث هذا فى الثمانينات وثارت ثائرة المصريين، إننى مدرك هذه الحقيقة بحكم عملى فى السياحة ومن خلال الملاحظات التى أسمعها من السائحين. إنهم لا يجدون مشقة فى الانتقال من فنادق جميلة على هوامش المناطق الموجود بها الاثر، بل الاتنقل هو جزء من جمال الرحلة السياحية، الاثار الثقافية غير الشواطئ، فى شرم الشيخ والغردقة يمكن أن تبنى الفنادق على الشواطئ باعتبارها مكان الجذب، وإن قامت دول عديدة بالتوقف عن هذا وتركت الشواطئ للاستخدام الجماعى ورحلت مناطق السكن والاقامة فى الداخل بعيدا عن الشواطئ، من خلال تخطيط عام للمناطق السياحية، المهم، كما نقول : ربنا عرفوة بالعقل، لكن الإيمان بربنا محتاج قلب، مثل الايمان بالوطن، ونهضته الذى يحتاج عقل وقلب.
الوطن مش بس ارض
الوطن طول وعرض
مصر الحضارة ليست تاريخ وحسب، ليست اثارا وحسب، ضيوفنا الاجانب يأتون باحثين عن المختلف انهم يعشقون الحضارة المصرية ويعرفونها احيانا اكثر منا. لا يهتمون كثيرا مثل أغبياء البيزنس لدينا بملاعب الجولف فذلك مما لا يعنيهم حين يأتون للأقصر، من تراه ذلك الغبر الذى سيضيع وقته للعب مباراة جولف تاركا رؤية هذا الكم اللانهائى من الآثار البديعة. أعرف ويعرف أهل المهنة مثلى أن السياح عندما يأتون الى مصر يبحثون عن ما هو مختلف مما لا يجدونة فى بلادهم، ولهذا عندما أقدم لهم أنا وزملائى من المرشدين هذها لحضارة نمزج فى شروحنا بين الماضى والحاضر ونأخذهم احيانا نحو المستقبل، ينبهرون لمرأى أهلنا، يسألون كثيرا عن العادات والتقاليد المصرية القديمة والمعاصرة، يشعرون بالحميمية عندما يتجولون بين بيوتنا التقليدية وأرضنا وبراحها، فيمكثون أكثر، يرتاحون من ضغط المدنية عليهم، يرتاحون حين يحجوبون النيل، أذكر أننى سألت أحدهم وكان مغرما بالتجول بالمراكب فى نيل الاقصر عن المشهد الذى يعجبه فى جولة النيل فسرح ببصره نحو قريتى وأشار قائلاً: هناك، حيث البيوت الصغيرة والاراضى الواسعة، وخضرتها المتلاحمة مع النهر، هناك أشعر أننى بعدت عن عالمى ووصلت بالفعل مصر القديمة، فقلت ألا يعجبك ساحل الاقصر، فأشار نحو مبانى الفنادق المتراصة التى ينبهر بها فاسدو السياحة وقال: هذه العشوائية المدنية تذكرنى بغباء الحضارة الحديثة، لكننى أرتاح كثيرا عندما أصل لهناك.
الصعيد فى مصر هو حصن الامان، هو الذى يحفظ العادات هو الذى يحتفظ حتى الان بثوابتة بالرغم ما يحدث من تغيرات، لا أقصد على المستوى الشكلى، فالصعيد ليس جلابية بارتى، تعجب السواح. الصعيد مش فلكلور. إنه عالم يشدك نحو التاريخ، يأخذك بناسه ومشهديته الحميمية لعمق إنسانى بعيد.
عندما أصل فى شرحى للسائحين للحديث عن اوزوريس الة العالم الاخر اتحدث عن عادات الدفن وطقوس العزاء التى تحدث حتى الان فى قريتنا المريس، وعندما أتحدث عن عيد فيضان النيل اتحدث عن نفس مظاهر الاعياد والميلاد التى عشتها أنا واطفال قريتى التى سيهدمونها، اله النيل عند المصريين القدماء اسمة حابى فى بلدنا حتى وقتنا هذا تحلف النسوة: (وحياة ملك البحر) !، لهجتنا ممتدة حتى الاباء القدامى، فكل الكلام فى بلدنا مكسور، بمعنى إن سألت أحدهم فى بلدنا: انت من فين؟ سيرد عليك: انا من المريس بكسر الراء، وهى عادة لغوية باقية من أثر اللغة المصرية القديمة!
نحن صعايدة، لا نبخل بالأرض إن احتاجها الوطن، لم نبخل بالدماء بالأمس فهل سنبخل بالتراب اليوم من أجل صالح الوطن، هذا دأبنا، ولا زلت أذكر كيف أن أبى الشيخ النوبى قد تبرع بالأرض الوحيدة التى يملكها هو شخصياً لكى تبنى عليها الوحدة الصحية والتى تدعى الآن مستشفى المريس، كانت هذة الأرض جنينة تربينا فيها، رائعة الحسن، تحوى من الطيبات ومختلف أنواع الفواكه الكثير، عنب ومانجو وتين، تبرع الشيخ النوبى بهذة الارض عن طيب خاطر، لم يجبره أحد على ذلك، رأى أن مصلحة المجموع فى هذا فبادر بتقديمها اسهاما منه فى بناء مستشفى لقريتنا،قٌدمها بكامل رضاة دون أن يقبل ادنى تعويض. ومن قبله اقام جدى يوسف مسجدا للقرية كما اقام ديوانا للعائلة تستغلة الان كل العائلات والبيوتات المجاورة دون أن يطلب شيئاً.
أعود لهذا الحلم برسو المراكب الذى استحال كابوساً على يد سمير فرج وعصابة البيزنس السياحى التى لا تبغى إلا الدمار، وأقول لهم وللجميع، قريتنا المريس ليست ضد التطور، ليست ضد الحداثة، إنها ضد الطمس القهرى لهويتها كقرية مصرية صعيدية، إنها ضد غياب العقل وضد العشوائية، ضد البيزنس القائم على سفح دماء الغلابة وقطع أرزاقهم ومعايشهم ونهب أراضيهم، ورميهم مشردين فى أماكن لا تليق بهم كبشر وكمصريين أصحاب حضارة، المريس ضد خيانة أمانة الاجداد، وضد حجب النيل وقتله وتدمير خصوبة أرضنا وما تبقى من ثروتنا الزراعية، المريس ضد إفساد المحيط الاثرى وبيئة الاثر لصالح مصلحة ضيقة نعتوها زورا منفعة عامة حماها رئيس الوزراء بقراره الذى أدعوه للعودة عنه والنظر فى بدائل مكانية لاقامة هذه المشروعات دون أن تكون على حساب التاريخ وروح المكان ومواردنا الزراعية وإنسانية البشر. قرية المريس قد تقبل بالمراسى بطول شاطئ النيل، لكن أن تدمر من أجل هذه المراسى 500 فدان ويزيد لعمل فنادق تجاورها، وتوسع سياحى أهوج وأعمى فهذا ضرب من الجنون لا يقبله إنسان، وخصوصا والظهير الصحراوى الذى صدعونا بتعميره موجود، وثمة تجارب فى مدن مصرية سياحية كثيرة على استغلاله للتوسع السياحى، والغردقة التى أدركو متأخرين كم يكلف مزاحمة الفنادق لأماكن الجذب السياحى فيها صارت تقدم نموذجا جيدا ومختلفا لأخذ الفنادق بعيداً عن قلب مناطق الجذب. الاوطان لا تعوض وفلوس الدنيا ليس لها أى معنى أو قيمة تقابلها، اذن لا حديث مقبول على حساب قريتنا المريس وطننا الصغير ولا نهضة بلدنا مصر، وطننا الكبير.
إننى أنادى كل المهتمين بحقوق المصريين وكل شريف فى هذه البلد أن يمد يده لمنع هذا العبث، اهتفوا معنى فى كل مكان وعبر كل وسيلة، يا حكومة ليس من المعقول لارضاء قلة قليلة من المثتثمرين تشريد الالاف من الاهل البسطاء ثروة والأغنياء بأنفسهم وارواحهم. اقيموا المراسى دون تدمير للنيل وشواطئه، القانون الحالى يلزمكم بذلك، وورثتم عن الاجداد قسم أن لا تتعدوا على النيل، ولرجال الأعمال الذين من بينهم شرفاء ووطنيون كثيرون أقول: عليكم بالدراسة وصدقونى يمكنكم بناء قرى سياحية مبهرة فى أماكن فى الظهير الصحراوى لا تبعد عن مدينة الاقصر اكثر من 10 دقيقة، هناك بدائل نافعة ولن تسبب ضررا لاحد، أرجوكم ألا تستهلوا الامر، نعم تستطيع الحكومة أن تبطش بنا اليوم وتهجرنا، لكن أحدا لن يرحمكم غداً وستحملون وزر جريمة لن تنسى، جريمة تشريد الآلاف وطردهم من بيوتهم وبيوت أجدادهم، وتدمير اكثر من 500 فدان من اجود الاراضى الزراعية وقتل الحياة وتهديد النيل.
يملؤنى الخوف من غد، فالناس صاروا كالموتى، لا يقفون إزاء الظلم، أشعر بضعفى وأنا أرى بيتى يهدم وأرض عائلتى تجرف طينتها الأصيلة، وتقتلع شجيراتها وتردم قنواتها، أتساءل بينى وبين نفسى تراه لو حدث هذا، فهل ثمة تعويض فى هذا العالم يمكن ان يرضى امى!



الشاعر
ناصر النوبى منصور
احد المتضررين من ضحايا المشروع العملاق .

1 comment:

jacoquance said...

Hotels near the Hard Rock Casino in Tunica Resorts, MS
Hotels 1 - 12 of 62 — Hotels 1 - 12 of 62 · Hotels 부천 출장마사지 1 - 12 of 62 · Hotels 1 - 12 of 62 · Hotels 1 - 12 of 62 · Hotels 1 - 12 of 62 안동 출장안마 · Hotels 1 - 12 동해 출장샵 of 62 · Hotels 1 - 양산 출장마사지 12 전라남도 출장샵 of 62